إنه قصر لا يشبه القصور.. جزء من تاريخنا وحضارتنا وهويتنا.. يحرك مجموعة من الأحاسيس داخلنا لأننا عرب، ولأننا مسلمون، ولأنه رائع وباهر يفرحك أن تطل عليه من بعيد.. ويحزنك أن تتجول داخل أروقته وحدائقه لأنه هناك، في مكان ما في هذا القصر، انكسر العرب عن حكم الأندلس ووقّعوا وثيقة تنازلهم عن غرناطة.

إنه قصر الحمراء بعظمته وروعته وألقه الساحر، الذي يعتبر اليوم من أكثر الأماكن السياحية جذبا للزوار في إسبانيا، حيث يفوق عددهم المليونين سنويا. إنه مكان يستحق الزيارة وإن كنت ممن اطلع مليا على صور هذا القصر أو شاهد أفلاما مصورة عنه، إلا أن اطلاعك بالعين المجردة على مختلف زواياه وباحاته أمر لا يعادله أي فيلم أو صورة.

من الضروري عند تحضيرك لزيارة قصر الحمراء في غرناطة بأن تقوم بحجز تذاكر الدخول مسبقا وقبل شهر على الأقل نظرا للأعداد الكبيرة من السياح التي تزور المكان، ومن الممكن أن يتم ذلك عبر الإنترنت.

سعر التذكرة 13 يورو والدخول مجانا للأطفال ما دون سن الثانية عشرة. ولكن ما يجب التنبه إليه هو أن هناك نوعين من التذاكر، نوع يؤهلك لدخول القصر والحدائق المحيطة به، وآخر لدخول القصر فقط.
كما يجب الاختيار عند حجز التذاكر بين الفترة الصباحية والمسائية.

وعادة تبدأ الفترة الصباحية عند الثامنة والنصف صباحا، فإذا كنت مقيما في غرناطة من السهل الوصول عند الوقت المحدد.
أما الفترة المسائية فتبدأ عند الساعة الثانية بعد الظهر وحتى الثامنة مساء. وسيقوم موظفون بمسح رمز تذكرة الدخول الإلكتروني في أكثر من مكان، وهناك وقت محدد للزائر لقضائه في الأجزاء المختلفة من القصر.

وهذا يعني أن تذكرة الدخول تحدد أساسا ساعة دخولك إلى قصر الناصر، كما يخبرك الموظف بأن لديك وقتا محددا تقضيه وإلا لن تستطيع إكمال الجولة في باقي أجزاء القصر.
فإذا كان موعد الدخول المحدد على التذكرة هو الخامسة والنصف مساء فبإمكانك التجول في القصر لغاية الثامنة مساء.
مع العلم بأن القصر واسع جدا والوصول إلى الحدائق على الجهة المقابلة لقصر الناصر يحتاج إلى وقت ليس بقليل.

ويفضل دائما القدوم قبل الوقت بنصف الساعة على الأقل، بحيث يستفيد السائح من الوقت المحدد له بكامله. كما أن الوصول إلى قصر الناصر سيكون مشيا على الأقدام لنحو ربع الساعة والجولة لن تنتهي قبل ساعتين. ويمنع إدخال الأمتعة الكبيرة وتلك التي تعلق على الظهر أو عربات الأطفال.
وقبيل الوصول إلى قصر الناصر يقع على الجهة اليمنى قصر الملك «كارلوس الخامس» وهو مختلف في الطراز المعماري عن كل الأبنية الموجودة في قصر الحمراء. وقد تم تشييد هذا القصر في عام 1524م، وهو يرمز إلى انتصار المسيحيين آنذاك على حكم الخلفاء المسلمين العرب. ويتميز هذا القصر بباحة مستديرة في الداخل بقطر يبلغ نحو 31 مترا. وتتوزع الأعمدة الرومانية التصميم على جوانب هذه الباحة.

أما حدائق القصر فهي غاية في الروعة، تمتد على مساحة واسعة وفي طبقات مختلفة وجميعها تحتوي على برك ماء ونوافير. وكلما تنتهي من التجوال في حديقة تدخل أخرى تضاهيها جمالا.

ويبدو أن أعمال الترميم لا تزال متواصلة في بهو الأسود، حيث تغيب البركة وأسودها الاثني عشر عن أنظار الزوار حتى إشعار آخر.
ويطل القصر على مدينة غرناطة من مرتفع تحوطه الأسوار والخنادق التي كانت في السابق مليئة بالمياه.

إنه مكان يستحق الزيارة، مليء بالسحر والجمال الذي ينطبع في الذاكرة.