مالطة الجزيرة البعيدة
هذه الجزيرة البعيدة .. القابعة في جنوب إيطاليا .. وشمال ليبيا وتونس .. حيث تبعد عن كل من جزيرة صقلية وليبيا وتونس مسافة نصف ساعة بالباخرة ..
تتكون مالطا من جزيرتين صغيرتين .. الكبيرة تدعى مالطا Malta .. والصغيرة تدعى جوزو Gozo .. ويذكر بعضهم جزيرة ثالثة وهي متناهية بالصغر وتسمى كومينو Comino ..
طبيعة مالطا صخرية .. وهي الصفة الغالبة لجزر البحر الأبيض المتوسط .. وعاصمتها فاليتا Valletta .. وعملتها الليرة (مالتيز ليرا) وتعادل 11 ريال سعودي تقريبا ..
…
وكلمة مالطا هى فى الأصل لغة فينيقية وهى أحد اللغات السامية كاللغة العربية والأرامية والعبرية .. وتعنى المكان البكر الخالى .. وفى اللغة العربية ملط بفتح الميم وكسر اللام ومُلْطةً أى لم يكن على جسده شعر .. وأملطت المرأة أى أسقطت جنينها قبل اكتماله .. وهناك نوع من الحمى يسمى الحمى المالطية Malta Fever .. وهى حمى معدية تنتقل من الحيوانات الأليفة إلى الإنسان وتسبب الإجهاض للحوامل فى شهورهن الأولى ..
…
إسم الدولة: جمهورية مالطا
المساحة: 316 كم مربع
تعداد السكان: 400 ألف نسمة
نطاق الوقت: GMT+1
اللغات الرسمية: المالطية والإنجليزية .. والإيطالية كلغة ثانوية
العملة الرسمية: ليرة مالطية .. والليرة الواحدة تعادل 11 ريال و16 هلله
الكهرباء: 220 فولت
…
أول من سكنها هم الفينيقيون وكانوا أهل تجارة بحرية حيث كانت مالطا جزيرة غير مأهولة فاستخدموها كمرسى لسفنهم .. والفينيقيون من فينيقيا Phoenicia وهى الجزء الشاطئى من كنعان (حبيبتنا لبنان حالياً) .. واللغة الرسمية لجزيرة مالطا حاليا هى اللغة المالطية بالإضافة للغة الإنجليزية والتي يجيدها معظمهم بطلاقة .. واللغة المالطية فى الأصل هى لغة فينيقية اختلطت باللغة العربية بعد أن احتلها العرب عام 870 م .. وتكتب لغتهم بالحروف اللاتينية .. وتجد الكثير والكثير من المصطلحات العربية المستخدمة في لغتهم .. ومنها (مرهبا يعني مرحبا) و (ليلة طيبة) .. والكثير على هذا المنوال .. ولكن .. مافوجئت به وبشدة .. هو أن الأرقام المستخدمة عندهم هي نفس الأرقام المستخدمة عندنا باللغة العربية العامية .. أعني نطقها .. وقد فاجأني بذلك سائق التاكسي حين سألته أن يبلغني بأجرة التوصيل بلغتهم .. ولم أصدقه .. وعند دخولي للفندق توجهت فورا للإستقبال .. وطلبت منهم ورقة وقلم .. وكتبت رقما بالمئات .. ثم طلبت منهم أن يقرأوه باللغة المالطية .. وهالني ماسمعت .. فقد كانوا يقرأونها وكأنهم يقرأون العربي .. ثم كتبت رقما بالآلاف وعشرات ثم مئات الآلاف إلى أن وصلت للملايين .. وهم يقرأونه كما نقرأه تماما .. وباللغة العامية !! طبعا مع القليل من الكلجنه ..
يعني .. واهد إتنين تلاته أربأه خمسه ..
تلاته وسبئين ألف وخمسميه وأربأ وتسئين ليرا ..
…
تشتهر مالطا بمقولتين شهيرتين ..
“بعد خراب مالطا” .. و .. “كمن يؤذن في مالطا” ..
سأذكر الآن سبب المقولة الأولى .. وسأرجي المقولة الثانية لجزء لاحق إن شاء الله ..
بالنسبة لـ “بعد خراب مالطا” ..
كما هو معلوم بأن نابليون بونابرت قد أحتل مالطا عام 1798 .. وأستمر الإحتلال الفرنسى لها لمدة عامين .. ورغم قصر مدة الإحتلال .. إلا أنهم تركوها خراباً ودماراً بعد أن سرقوها ونهبوها ودمروا قصورها وكنائسها وأجبروا سكانها على الهرب بحياتهم إلى جزيرة صقلية المجاورة .. إلى إن عاد أهلها مع الفتح الإنجليزى لها عام 1800 تحت قيادة السير ألكسندر بال .. ولكن .. بعد خرابها .. أي (بعد خراب مالطة) !! ..
تكرر ذلك أيام الحرب العالمية الثانية وكانت تحت الإحتلال الإنجليزى .. حيث أمطرها الألمان والطليان بقنابل دمرت كل شيء .. وأضطر سكانها إلى الهرب مرة أخرى إلى جزيرة صقلية .. ثم عادوا بعد نهاية الحرب .. ولكن .. (بعد خراب مالطة) !! ..
….
استقلت مالطا عن المملكة المتحدة فى 21 سبتمبر 1964 وأصبحت مثل استراليا دولة من دول الكومنولث الخاضعة للتاج البريطانى .. وفى عام 1971 أصبحت مالطا مستقلة تماما ولم تعد مرتبطة بالتاج البريطانى .. وتعداد سكانها هو 400 ألف نسمه .. وأصبحت حاليا دولة من دول الإتحاد الأوروبى .
…
كانت رحلتي في الأسبوع الثالث من شهر نوفمبر 2006 .. وذلك لحضور إجتماع مع فريق عمل من بعض الدول الأوروبية .. وكان الطقس وقتها بارد جداً .. وللأسف .. لم تحن لي الفرصة للتجول في مالطا بالشكل الذي أردته .. حيث كانت تنتهي إجتماعاتنا بوقت متأخر من المساء .. حوالي السادسة أو السابعة .. ومن ثم لانكاد نرتاح قليلا إلا ويتوجب علينا الذهاب لأحد المطاعم لتلبية دعوة العشاء من قبل شركتنا والمقام على شرفنا .. وتكرر ذلك لعدة ليالي ..
على الرغم من ذلك .. تمكنت من القيام بجولة سريعة بأحد الأمسيات .. وتعاملت وتخاطبت فيها مع العديد من أهل مالطا الذين وجدت فيهم من الترحاب والطيبة والأريحية مالم أجد مثله في أي بلد آخر .. شعب بسيط مضياف غير متكلف .. ترى الإبتسامة تخرج من بين علامات الإنهاك والشقى الواضحة في تقاطيع وجوههم .. لا ترى فيهم العبوس .. ولا تأتيك منهم أذية ..
وحين أبلغت ما رأيته لأحدهم .. قال لي: أين أنت من الشعب الشرق آسيوي .. فجاوبته بأن هنالك فرق .. وفرق كبير .. بالنسبة للآسيويين .. تحس بأنهم يخدمونك ويرحبون بك مع الشعور بأنهم ذليلين لك .. ولخدمتك .. وكأنهم خدم عندك .. أما الشعب المالطي .. فيقومون بالترحيب بك وبخدمتك مع عزة النفس .. تحس بأنهم أهل عزة وكرامة .. أهل ضيافة ..
لا أعلم إن كنت أوصلت لكم ما أقصد .. فهنالك فرق بسيط مابين المعنيين في التعبير .. ولكنه كبير جداً بالواقع ..
…
“يتقاطر السواح إلى مالطا بالصيف لدرجة أنك لاتجد موطأ قدم .. وقل ما نرى السياح العرب .. إن لم يكن نادراً..”، سائق تاكسي بدرجة أستاذ جامعي ..
كان السائق وهو في العقد السادس من العمر يقلني من الفندق إلى المطار في طريق عودتي للوطن .. بدأ حديثه بإعطائي نبذة تاريخية عن مالطا .. ومن ثم عرج إلى الوضع الإقتصادي في البلد .. ثم التركيبة السكانية والإجتماعية .. يتكلم وكأنه بروفيسور جامعي يلقي محاضرته على طلابه .. أسلوبه جميل متناسق .. لايخطيء ولايتلكأ بمعلومة .. تنهمر منه المعلومات بسلاسة .. تسأله فيجاوبك .. يتحدث الإنجليزية بطلاقة .. تراه واجهة مشرفة .. ليس لسائقي التاكسي فحسب .. بل لجميع أهل مالطا ..
…
أعتقد والله أعلم .. بأن السياح العرب يستكثرون المشوار إلى مالطا .. فخطوط الطيران التي تذهب من السعودية إلى مالطا هي الأماراتية والقبرصية .. حسب علمي المحدود .. ولربما تتواجد خطوط أخرى .. عموما .. كلا الناقلين (الأماراتية والقبرصية) يتوقفان في قبرص .. فـ أنا ذهبت بالأماراتية وتوقفنا بقبرص بالذهاب والإياب لمدة ساعة .. وهنا يكمن توقعي بذهاب العديد من السياح العرب وتوقفهم عند محطة قبرص وعدم الإكمال .. وقد يكون لغياب الإعلام السياحي لمالطا في منطقتنا الدور الكبير في ذلك .. والذي يقابله تواجد إعلامي سياحي جيد جدا لقبرص .. وبالأمس .. رأيت مكتب الخطوط القبرصية الجديد بشارع العليا .. وهذه ضربة موفقة من قبل القائمين على شؤون السياحة القبرصية .. فمكانهم السابق كان متخفياً وراء مصنع الجميح بشارع الأحساء ..
…
قبل أن أنسى .. أحب أن أتوجه بالشكر الجزيل .. لسعادة القنصل بسفارة مالطا بالرياض .. لحسن إستقباله وأريحيته الرائعة .. والتي كانت أنموذجا لما لقيته من شعبهم الكريم ..
كما أشكره على تعاونه الكبير معي للحصول على التأشيرة قبل موعدها بعدة أيام لظروف السفر .. وما قام به مشكوراً من جهود ملموسة في سبيل إكمال أوراقي ومعلوماتي أثناء غيابي وتواجدي خارج المملكة .. حيث كان يكتفي بمحادثتي بالجوال لإكمال مايلزم وتسخير جميع الإمكانيات المتاحة لذلك ..
له مني جزيل الشكر والتقدير ..
…
ستدخل مالطا في نطاق التشنجن مع بداية السنة الميلادية القادمة على حسب علمي .. لها الآن فيزا مستقلة .. ولكن إن كنت تحمل فيزا تشنجن سارية المفعول فبإمكانك دخول مالطا بدون الحاجة لمراجعة السفارة ..
…
أحببت مالطا .. قبل أن أراها .. وذلك من محبتي لأبوسلطان .. ومن ثم زاد مقدار الحب بدرجة كبيرة بعد أنت رأيت وخالطت أهلها .. جزيرة هادئة ووقورة .. لاتسمع سوى هدير أمواج البحر المتلاطم .. سيمفونية رائعة .. تبعث الراحة والهدوء للنفس ..
نزلت في فندق ” ذا ويستن دراجونارا ريزورت” .. فندق جيد من فئة الفنادق الفاخرة بمالطا ..
إترك رد
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.